16 février, 2011
المحترم … هنا أكتب كمواطن بعيداً من مقص الرقابة
الجزائر – رضا شنوف
على رغم أن التدوين في الجزائر يعتبر مساحة جديدة للتعبير عن آراء رواده، ولم يعرف بعد انتشاراً بالقدر الذي تشهده الدول المجاورة، كتونس والمغرب ومصر أو بعض دول الخليج العربي، إلا أن التدوين يسير بخطى ثابتة وله رواده.
هده المعاينة الأولى يسردها الصحافي الجزائري صاحب مدونة «الجزائر السياسية» الذي يقدم نفسه فيها تحت اسم «المحترم»، ويقول انها اصبحت موطنه البديل للتعبير عن آرائه والمساحة الحرة التي يتجرد فيها من كل القيود ومقص الرقابة التي تمارس عليه عندما يزاول مهنته كصحافي محترف.
وفي تعريف «الجزائر السياسية»، يقول «المحترم» إنه أنشأها في شهر أيار (مايو) من عام 2007، وهي تهتم بالمواضيع السياسية والاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى القضايا المتعلقة بحقوق الإنسان والحريات. وعن مدى انتشارها يوضح أنها «تجلب ما معدله خمسة آلاف زائر يومياً، هذا في الحالات العادية ، لكن في الحالات التي تشهد فيها الجزائر أحداثاً يصل عدد الزوار من داخل البلاد وخارجها إلى ما بين 12 ألف و15 ألف زائر».
أما الدوافع الكامنة وراء اللجوء إلى التدوين، فيقول «المحترم»: «لا توجد استقلالية تامة في الصحافة الجزائرية، فأنت لا تستطيع أن تبدي رأيك في الأحداث وتنشر المعلومة التي تريد، الأمر الذي شجعني على اللجوء إلى التدوين». ويضيف:» أنا الآن أكتب في مدونتي المعلومة كصحافي ومواطن يعطي رأيه في الأحداث ويتناول المعلومة بكل حرية ووفق تصور خاص، على خلاف الصحافي المحترف الذي يطاله مقص الرقابة بحكم أنه ليس هو من يقرر الخط الافتتاحي للجريدة، ما يجعلنا تحت رحمة الرقابة الذاتية في صحفنا، والتدوين هو النافذة التي نتنفس منها».
ويستشهد صاحب احدى أقدم المدونات التي تعنى بالشأن السياسي في الجزائر، بالمسيرة التي نظمتها «التنسيقية الوطنية من اجل التغيير» في الجزائر العاصمة يوم 12 شباط (فبراير) الماضي، فيقول :»هناك صحف جندت نفسها للإعلان عن هذه المسيرة، في حين أن صحفاً في الجهة المقابلة عملت على تحطيمها. بالنسبة الي كجزائري و كصحافي، لم أشارك في المسيرة، لكني أبديت رأيي في مدونتي بعيداً من تطرف كلا الطرفين، تاركاً الحكم للقارئ»، معتبراً أن هذا الخط الوسطي هو الذي ينقص في الجزائر.
النضال الالكتروني غير منتشر بعد
واللافت أن صاحب مدونة «الجزائر السياسية» ينفي وجود أي ضغوط تمارس على المدونين من قبل السلطات، مُرْجِعاً السبب إلى أن «الإنترنت في الجزائر ليست ملجأ الشباب المقموع الباحث عن التعبير عن آرائه، كما هي الحال في دول المنطقة التي تشهد قمعاً ومراقبة للإنترنت على غرار ما كنا نشهده في تونس». ويتابع في سياق تحليله للوضع في الجزائر فيقول: «يشاع استخدام الانترنت في الجزائر في ميادين محددة، او كما نسميه، الاستعمال التقليدي، مثل البحث عن عمل أو المحادثة أو زيارة مواقع التواصل الاجتماعي، لكنه لا يستخدم كوسيلة للتعبئة السياسية».
لكن «المحترم» لا ينفي في الوقت نفسه احتمال أن تتغير هذه الحرية على الشبكة إذا ما تحولت مكاناً للتعبئة السياسية، ويقول: «في اليوم الذي تصبح هذه الوسيلة مساحة للنشاط السياسي، فانا واثق بأنه ستتم ممارسة ضغوط من قبل السلطة على المدونين». ويعزو عدم انتشار التدوين في الجزائر، وخصوصاً السياسي منه، إلى الانتشار النسبي للإنترنت في الجزائر، بالإضافة إلى كون الجزائري ليس ميالاً الى ثقافة الكتابة، بل الى الثقافة الشفوية، بحكم انه يستطيع أن يعبر عن آرائه السياسية في المقهى، ويوجه انتقاداته للساسة وسياستهم، لكنه لا يضع ذلك حبراً على ورق، لذا فهذا لا يعني «أننا نعيش الديموقراطية الحقيقة بل شبه ديموقراطية».
http://international.daralhayat.com/internationalarticle/233972